التشبّث بالحياة: القابلات في غزة على حافة البقاء


التشبّث بالحياة: القابلات في غزة على حافة البقاء


في غزة، أصبح الفعل الأساسي المتمثل في جلب طفل إلى العالم عملاً بالغ الشجاعة. فقد دمّرت الحرب الحياة المدنية وأوصلت النظام الصحي إلى حافة الانهيار؛ فمن أصل 36 مستشفى، لا يعمل سوى 18 مستشفى بشكل جزئي، ما يترك فجوة هائلة أمام نحو 55,000 امرأة حامل.

 

ومع ذلك، وفي هذا المشهد المدمّر، رفضت مجموعة صغيرة من العاملين الصحيين الاستسلام. إنهن القابلات، وهن خط الدفاع الأخير لـ150 مولوداً يولدون كل يوم. من بينهن هيام، التي ورغم نزوحها، تواصل العمل في وحدة ولادة مكتظّة، متمسكة بالخيوط الهشة لرعاية الأمهات وحديثي الولادة في ظروف لا ينبغي لأي مهني صحي أن يواجهها. ويضمن دعم الشركاء مثل إيكو (ECHO)، إدارة الحماية المدنية والمساعدات الإنسانية التابعة للاتحاد الأوروبي، بقاء بصيص من الحياة والأمل لحديثي الولادة في غزة.

معركة من أجل أول نفس

تصف هيام أياماً مليئة بالولادات المتواصلة، وقلة الراحة، والضغط المستمر لرعاية أمهات يصلن مرهقات ومصدومات نفسياً، ويعانين من سوء التغذية والجفاف، ودون أي رعاية سابقة أثناء الحمل. أصبحت أبسط الموارد من الكماليات: فالماء شحيح، والصابون باهظ الثمن، والكهرباء تنقطع في اللحظات الحرجة أثناء الولادة. الغرف مكتظّة بنساء يفترض أن يكنّ تحت المراقبة الطبية، لكنهن يضطررن للولادة دون أي خصوصية. وبالنسبة للكثيرات، فإن مجرد الوصول إلى المستشفى مغامرة مرعبة في ظل تكرار استهداف المرافق الطبية.

في هذه البيئة، لا تكون هيام مجرد مهنية صحية، بل تشكّل سنداً نفسياً أيضاً. فهي تثبّت حالات الأمهات اللواتي يعانين من نزيف يهدد الحياة، وتتعامل مع حالات تعسّر الولادة. وتضطر إلى إجراء الإنعاش الأولي لحديثي الولادة بإمكانات محدودة أو شبه معدومة. وتساعد النساء على إيجاد القوة اللازمة لجلب طفل إلى العالم في لحظات يشعرن فيها بأنهن فقدن كل طاقة.