"انتابني صداع قوي وغير مألوف، وفقدت شهيتي بالكامل، ولم أتمكَّن إلا من تناول بعض المشروبات الساخنة طيلة 5 أيام، كنت أفكر خلالها في مخرج من ورطتي التي وجدت نفسي فيها، وبنهاية اليوم الخامس -ومع استنفادي جميع الخيارات- انهرت تماما نتيجة انخفاض حاد في ضغط الدم".
بتلك الكلمات، يصف أسامة (34 عاما) -نازح سوري إلى ريف دمشق- للجزيرة نت ما حدث معه عندما أخبره مالك الشقة التي يستأجرها -مستغلا عدم وجود عقد إيجار- بأن عليه هو وعائلته المكونة من 3 أفراد إخلاء الشقة أو مضاعفة إيجارها ليتلاءم مع موجة غلاء الأسعار التي شهدتها مناطق سيطرة النظام مطلع العام الجاري
وبعد بحث دام لأسبوع، لم يجد أسامة شقة مقابل إيجار "معقول" كالذي كان يدفعه لصاحب الشقة القديمة، يقول "بحثت في معظم مدن ريف دمشق، وكانت الأسعار خيالية ومعظمها يفوق بدل الإيجار الذي كنت أدفعه بضعف المبلغ أو ضعفيه، ولم يكن بإمكاني حينها دفع أكثر من 50 ألف ليرة سورية (الدولار يساوي حوالي 4 آلاف ليرة سورية) وهو نصف مرتبي الشهري تقريبا".
وبعد أن فقد الأمل في إيجاد شقة بديلة بالوقت المحدد، وتلقيه تهديدا من صاحب الشقة القديمة بأنه سيخرجه من المسكن ولو بالقوة، دخل أسامة في حالة من الاكتئاب وفرط التفكير لمدة 5 أيام لينتهي به المطاف بأحد المستشفيات الخاصة، بعد سقوطه أرضا نتيجة هبوط حاد في ضغط الدم، حسبما بيَّن له الطبيب الذي اكتفى بوصف بعض الأدوية المهدئة.
ويعاني السوريون بشكل متزايد -في مناطق سيطرة النظام- من اضطرابات نفسية نتيجة تردي الواقع المعيشي والخدمي باطراد منذ ما يزيد على 11 عاما، حيث تبلغ نسبة الفقر 90%، حسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية.
ومن جهته، أكد مدير مشفى ابن سينا في دمشق أيمن دعبول -خلال لقاء مع إذاعة "شام إف إم" شبه الرسمية- أن المشفى يستقبل مؤخرا أعدادا كبيرة من المرضى المصابين بجميع الحالات العقلية والنفسية، مشيرا إلى أن الأمراض الأكثر شيوعا هي الذُهان والهَوَس والإدمان والاكتئاب.